الأحد، 17 أبريل 2011

شمعة لا تحترق - قصة قصيرة



شمعة لا تحترق

عاد من عمله بعد يوم شاق ملئ بالإنجازات والأعمال ما بين عمل مهني الى عمل اجتماعي الى عمل دعوي
يدخل على أهل بيته ويبتسم لهم ويقول بكلمة تخرج من كامل كيانه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ترد عليه أمه بإبتسامة صادقة فيها شوق لإبنها الغائب عنها طوال اليوم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حمدا لله على سلامتك يا حبيبي
وحشتني طول النهار أخبارك ايه وأخبار الجو ايه ؟!!
يبتسم بضحكة خفيفة : الحمد لله يا أمي كله تمام
يمشي بخطوات بطئية نحو أمه ويصافحها ثم ينحني ليقبل يدها
فتتحسس شعره وتحرك يدها الأخرى عليه فيشعر بقشعريره تسري في جسده يملؤها طاقة هائلة من الحنان والحب
فيذهب عنه جبال التعب والإرهاق طوال اليوم
ثم تقول له : أجيبلك تاكل يا حبيبي
فيرد عليها : ياريت يا أمي هموت من الجوع
تأتي أمه بالطعام لتقدمه اليه في أحسن شكل
يقول لها : الله عليكي يا ست الكل تسلم ايديكي يا أمي وربنا ما يحرمنا منك
ثم يطمئن علي أحوالها طوال اليوم
وبعد انتهائه من الطعام يقول : الحمد لله
فتسارعه أمه بمقولتها المعروفة : ما أكلتش ليه يا حبيبي؟!
فيرد عليها : أكلت والله يا امي تسلم ايدك على الاكل الجميل ده
يغسل يديه وأسنانه ويستعد ليستقبله سريره الحبيب الذي أوحشه طوال النهار!
يقفز على السرير كما أنه قفز في بحر عميق
يغوص بين البطاطين المرتبة التي تغطيه
ويضع رأسه على مخدته وينام على جنبه اليمين ويضع يده اليمنى تحت راسه ويقول : بسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين
ثم يغمض عينيه ويروح في ثبات عميق
تمضي بضعة ساعات في هذا النوم العميق
ثم يسمع صوت هادئ يعلو رويدا رويدا

قم وحيدا
كابد الليل الطويل
قم وصلي للجليل
قم فقد حان الرحيل

انه صوت المنبه
الذي يرن ليذكره بأن هذا وقت السحر
يطفئ المنبه سريعا حتى لا يزعج أمه
يجلس على سريره
يقول
الحمد لله الذي احياني بعد ما أماتني وإليه النشور

أحس بقشعريره تسري في جسده
فهو في موعد مع حبيب له لطالما أسر له بأسراره وفضفض له بما في قلبه
يتحدث معه بلا خوف أو قلق
حبيب يشعر معه بطمأنينه

ينهض من على سريره يمشي بخطوات خفيفة
يتوضأ بماء بارد فينعشه
ينظر الى المرآة التي أمام حوض المياة وفي ظل ضوء خافت
يرى شيئا مضيئا
يرى وجهه الذي ألفه مع كل نظرة الى المرآة
ولكن هذه المرة له شكل مختلف

يدخل محرابه الذي أعده لهذا الموعد
يفتح نافذة غرفته فيدخل هواء رفيق يداعب وجهه
فيشعر وكأنها نفحة الهية تسري في جسده

تتسارع نبضات قلبه شيئا فشيئا
فهو سيقابل من يحب بعد ثواني من تلك اللحظة
يقف بكل كيانه تجاه القبلة
يقول
الله أكبر
يستشعرها بكل كيانة
تترقرق دمعة على خده
ترتل معه تلك الدمعات آيات القرآن
ويركع معه تلك النسمات الرقيقات
ويسجد معه القمر
وتشاركه النجوم في استغفاره بالاسحار
شعر في هذه اللحظة أن الكون يشاركه مناجاته لربه
يدعو لنفسه ويدعو لأمه وابيه ولكل إنسان أحبه في الله

أحس بأن جسده قد امتلأ بالنور
نور رباني قد ظهر على وجهه
فاصبح
شمعة لا تحترق
شمعه تضئ وسط جموع البشر
حينها وجد لسانه يردد بغير شعور منه
(( أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ....))
صدق الله العظيم

تعليقات: 4

حمدى جعوان يقول...

صدق الله العظيم
ربنا يتقبل منك يا دكتور وربنا يكرمك ويجازيك خير على مجهودك فى كل المجالات

وسلامى الخاااااااص للحاجه ربنا يخليهالك (:

كلمات من نور يقول...

الله يا دكتور الله

ربي ينور وجهك وبصيرتك ويعظم لك نورا

قل لهذا الشاب النوراني أن يدعو الله لي باستقرار حالتي المرضية ( طماعنه في دعوته بقى ) جزاك الله خيرا

ماجد العياطي يقول...

لحظة حياة

والله انها لحظة حياة وباقي الحياة من دونها موت

هديت وكفيت يادكتور واسأل الله ان يتقبل منك

تحياتي

البتول يقول...

ما شاء الله

ولا قوه الا بالله

ربنايثبتك يا رب

ويديمهاعليك نعمه وفضل

ولاتنسانا من صالح دعائك بظهر الغيب